هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 القرض الحسن في الاسلام

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 639
تاريخ التسجيل : 27/03/2008

القرض الحسن في الاسلام Empty
مُساهمةموضوع: القرض الحسن في الاسلام   القرض الحسن في الاسلام Icon_minitimeالإثنين أبريل 21, 2008 10:17 pm

القرض الحسن في الاسلام

تعريف القرض:
القرض لغة: هو القطع، يقال: قرضه يقرضه قرضاً أي قطعه.
هذا هو الأصل فيه، ثم استعمل في معنى المجازات.
وهو ما يتجازى به الناس بينهم ويتقارضونه من إحسان أو إساءة. يقال: هما يتقارضان الخير، أو يتقارضان الشر. وبه أنشد الشاعر: إن الغني أخو الغني وإنما يتقارضان ولا أخا للمقترِ.
وأما القرض اصطلاحاً: فهو دفع المال، إرفاقاً لمن ينتفع به ويرد بدله.
* الترادف بين القرض والسلف والدَّيْن:
إن القرض والسلف كلمتان مترادفتان؛ فكما أن القرض يرد فيه المقترض بدل ما أخذ من المقرِض؛ فكذلك السلف.
أما الدَّيْن فهو عامٌّ؛ حيث إنه يطلق على القرض، والسَّلَم، وبيع الأعيان إلى أجل.
فهو عبارة عن ((كل معاملة كان أحد العوضين فيها نقداً، والآخر نسيئة)).
فإن العين عند العرب ما كان حاضراً والدَّيْن ما كان غائباً.
هذا، وإن القرض في أحكام الشريعة الإسلامية ينقسم إلى قسمين:
قرض حسن، وقرض ربوي
وغرضنا في هذا البحث هو أن نأخذ كلاًّ من هذين القسمين ببعض التفصيل، من حيث أنواعه وأحكامه مع توضيح ما غمض فيه قدر الإمكان.
القرض الحسن *
هو ما يعطيه المقرض من المال إرفاقاً بالمقترض ليرد إليه مثله دون اشتراط زيادة، ويطلق هذا اللفظ كما جاء في القرآن على المال الذي ينفق على المحتاجين طلباً لثواب الآخرة.
* أنواع القرض الحسن:
نظراً إلى التعريف المتقدم، نقسِّم القرض الحسن إلى نوعين:
ما يقرضه العبد لربه، وما يتقارضه الناس فيما بينهم.
النوع الأول: القرض بين العبد وربه:
وهو ما يدفعه المسلم عوناً لأخيه دون استرجاع بدل منه، طلباً لثواب الآخرة، ويشمل ذلك الإنفاق في سبيل الله بأنواعه كالإنفاق في الجهاد، وعلى اليتامى والأرامل والعجزة والمساكين.
وقد جاء لفظ القرض بهذا المعنى في القرآن الكريم في ستة مواضع: منها ما ورد في سورة البقرة، من قوله تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [البقرة: 244-245].
فكما نرى أن الاقتراض في هذه الآيات ليس من النوع الذي اعتدناه بأن يقترض شخص من آخر لحاجته منه إلى القرض.
إن الاقتراض هذه المرة من الغني الحميد الذي يطلب من عباده أن ينفقوا أموالهم للمحتاجين دون طلب رجوعها إليهم.
ولذلك تكفل سبحانه وتعالى بقضاء مثل هذه القروض بأضعافها، وسماها سبحانه وتعالى قروضاً حسنة لما فيها من التعاون والإرفاق من المقرضين.
وهناك سؤال يطرح نفسه في هذه النقطة وهو:
لماذا سمى الله سبحانه وتعالى هذا النوع قرضاً؟؟
وقد أجابوا عن ذلك بأنه إنما سماه الله تعالى قرضاً لينبه على أن الثواب الموعود للمنفق في سبيله واصل إليه لا محالة، كما أن قضاء القرض واجب على المقترض.
النوع الثاني: القرض بين المسلم وأخيه:
وقد اختلف الفقهاء في تعريف هذا النوع.
فقال الحنفية: هو ما تعطيه من مثلي لتتقاضاه.
فأخرجوا بذلك غير المثلي من القيميات، كالحيوانات والعقارات والأحطاب وكل ما يتعذر رد مثله؛ لأنه لا يجوز عندهم إقراض غير المثلي.
أما المالكية و الشافعية و الحنابلة: فالقرض عندهم هو ما تعطيه لتأخذ عوضه.
سواء كان مثلياً أو قيمياً، دون الجواري.
وزادت المالكية في التعريف ما يلي:
1. أن يكون المقرَض ذا قيمة مالية، فلا يكون دفع قطعة من النار قرضاً.
2. أن يلزم المقترض رد مثله عوضاً عنه.
3. أن يتأخر رد المقرض عن زمن دفعه.
4. أن يقصد المقرض نفع المقترض، لا نفعه هو أو نفعهما معاً.
5. أن لا يوجب إعارة الفروج، بأن تقرض جارية تحل للمقترض.
6. أن يكون ضمانة في الذمة، بأن يكون المقترض ممن يتحمل الضمان، فلا يكون المسجد أو المدرسة مقترضاً.
* تحديد القرض الحسن:
ومما ينبغي ملاحظته في هذه النقطة التحديد الذي وضعه العلماء للقرض في كونه حسناً؛ حيث قالوا:
لا يكون القرض حسناً حتى تتوفر فيه الشروط الآتية:
* الشرط الأول: أن يكون المال المقرَض حلالاً لم يختلط به الحرام؛ لأن مع الشبهة يقع الاختلاط، ومع الاختلاط يقبح الفعل.
* الشرط الثاني: أن لا يتبع المُقْرِض ما أقرض بالمن والأذى.
* الشرط الثالث: أن يدفعه المقرض على نية التقرب إلى الله، سبحانه وتعالى، لأن ما فُعِلَ رياءً وسمعةً لا يُستحق به الثواب.
* الشرط الرابع: ألا يجر القرض نفعًا على المُقْرِض.








* حكم القرض، وحكمة مشروعيته:
أما الحكم العام للقرض فهو الجواز؛ فإنه يجوز للحاجة، وقد دل على جوازه الكتاب والسنة والإجماع والقياس الصحيح.
أما الكتاب فبقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج: 77].
وأما السنة فبقوله صلى الله عليه وسلم: «المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة».
وأما الإجماع فهو ما نراه من تعامل المسلمين به من الصدر الأول إلى الآن.
وإذا رجعنا إلى القياس فإننا نقيس القرض بالعارية.
فباب العارية أصله أن يعطي المعير ماله لينتفع به المستعير ثم يعيده إليه.
فتارة تكون المنافع غير ملموسة، كما في إعارة العقار والمركوبات.
وتارة تكون ملموسة، كما في إعارة الماشية ليُشرب لبنُها أو الشجرة ليؤكل ثمرها.
فكما أن العارية من باب التبرع بالمنافع فكذلك القرض.
وأما الحكم الخاص للقرض فهو حكمه الذي يخص المُقْرِض، وحكمه الذي يخص المقترض.
فالذي يخص (المقرض) هو أن الأصل فيه أنه مندوب (للمقرض)؛ لما ورد من أحاديث تحض على الإقراض.
وقد يعرض ما يوجب فعله فيصير واجبا، كالإقراض للمضطر ممن اضطر إليه لحفظ النفس أو المال.
أو يعرض ما يسبب كراهيته كالاستعانة به على مكروه.
أو ما يحرمه، كالاستعانة به على معصية.
وحكمه الذي يخص (المقترض) هو الإباحة، فلا خلاف في جواز الاستقراض عند الحاجة
قال الإمام أحمد - رحمه الله -: (ليس القرض من المسألة)، يعني ليس بمكروه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستقرض؛ فلو كان مكروهاً أو كان هناك عيب على طالبه لكان صلى الله عليه وسلم أبعد الناس منه، ولأنه إنما يأخذه المقترض بعوض فأشبه الشراء بديْن في الذمة.
* توثيق القرض في الشريعة الإسلامية:
إن الإنسان بطبيعته وجِبِلَّته محب للمال، وإن كان ذلك على درجات متفاوتة في طول أمله وقصره.
قال الله تعالى: {وَتُحِبُّونَ المَالَ حُباًّ جَماًّ} [الفجر: 20]، لذلك لما طلب الشرع من صاحب المال أن يفارقه فترة من الزمن بإقراضه لأخيه المحتاج دون طلب منفعة مادية، جعل لذلك المال المقرض بعض وثائق، كي يطمئن قلب المقرض برجوعه إليه.
وهذه الوثائق كما يلي:
• توثيق الدّيْن بالكتابة:
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَن يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإِن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلاَ تَسْأَمُوا أَن تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كبِيراً إِلَى أَجَلِه} [البقرة: 282].
في هذه الآية أمر بكتابة الدّيْن الذي يشمل القرض الحسن وباقي البيوع المؤجلة.
وتوثيق القرض فيها أمر ظاهر، كما أن العلماء استنبطوا منها حكم كتابة الدين والقائم بالكتابة وشروط الكاتب.
• توثيق الدّيْن بالإشهاد عليه:
قال تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] إلى قوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282].
في هذه الآية أمر بالإشهاد عند المداينة.
ومنها استنبط العلماء أحكاماً كثيرة بالنسبة للشهادة والشاهد والمشهود عليه.
• توثيق الدين بالرهن:
قال تعالى: {وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِباً فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283]، وثبت في السنة أن توثيق الدين بالرهن لا يختص بحالة السفر؛ لأنه كما روت عائشة رضي الله عنها: «أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى من يهودي طعاماً إلى أجل، ورهنه درعاً له من حديد».
• توثيق الدّيْن بالضمان:
والمراد بالضمان هو أن يلتزم إنسان أداء دين إنسان آخر إذا كان ذلك الآخر لا يؤديه، أو هو ضم ذمة الضامن إلى ذمة المضمون عنه في التزام الحق، فيثبت في ذمتهما جميعاً، ولصاحب الحق مطالبة من شاء منهما.
وهو طريق آخر جعله الشرع لتوثيق الدَّيْن، وهو جائز بالكتاب والسنة والإجماع.
أما الكتاب فبقوله تعالى: {وَلِمَن جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: 72].
قال ابن عباس: (الزعيم الكفيل).
وأما السنَّة فبقوله صلى الله عليه وسلم: «الزعيم غارم».
وبما ثبت أن بعض الصحابة ضمن دين الميت وقضاه عنه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما الإجماع فقد أجمع المسلمون على جوازه، وكانوا يتعاملون به منذ صدر الإسلام.
* الإسلام يحض على الإقراض:
فعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «دخل رجل الجنة فرأى مكتوبا على بابها: الصدقة بعشر أمثالها، والقرض بثمانية عشر». (أخرجه البيهقي في السنن والطبراني في الكبير، وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة 3407).
فلم يكتف الإسلام بوضع قواعد لتوثيق المال المقرَض يأتمن بها صاحب المال ويطمئن في إقراضها، وإنما حض عليه وحرَّض المؤمنين على دفعه؛ حيث وعد الله لهم الإثابة عليه، وجعله قربة يتقرب به العبد إليه.
كما بيّن نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم جزاء القائم به من الثواب وعون الله والتيسير له في الدارين.
هذا كله لما في القرض من الرفق بالمحتاجين والرحمة بهم وتفريج كربهم.
من ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من نفَّس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسّر على مسلم في الدنيا يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً في الدنيا ستر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه».





وقد تتابعت آثار من الصحابة في الدلالة على أن الإقراض مرتين للمحتاج خير من التصدق عليه بالمال المقرَض مرة، أو كالصدقة بها عليه.
منها ما روي عن ابن عباس أنه قال: (لأن أُقرِض مرتين أحب إليّ من أن أعطيه مرة).
ومنها ما روي عن ابن مسعود أنه قال: (لأن أُقرض مرتين أحب إليّ من أن أتصدق).
ومنها قول أبي الدرداء: (لأن أقرض دينارين مرتين أحب إليّ من أن أتصدق بهما؛ لأني أقرضهما فيرجعان إليّ فأتصدق بهما فيكون لي أجرهما مرتين).
كما روي مثل ذلك عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم أجمعين.
وكان سليمان بن أذنان يقرض علقمة ألف درهم إلى عطائه، فلما خرج عطاؤه تقاضاها عنه واشتد عليه فقضاه.
وكأن علقمة غضب، فمكث أشهراً، فقال: أقرضني ألف درهم إلى عطائي.
فقال: نعم وكرامة ! يا أم علقمة ! هلمي تلك الخريطة المختومة التي عندك.
فجاءت بها، فقال: أما والله إنها لدراهمك التي قضيتني ما حركت منها درهماً واحداً.
قال: فلله أبوك ! ما حملك على ما فعلت بي؟ قال: ما سمعت منك: قال: ما سمعت مني؟ قال سمعتك تذكر عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من مسلم يقرض مسلماً قرضاً مرتين إلا كان كصدقتهما مرة» قال: (أي علقمة) كذلك أنبأني ابن مسعود.


* وجوب رد القرض:
دلت النصوص القرآنية على وجوب رد القرض؛ وذلك في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58]، والقرض أمانة عند المقترض يجب عليه ردها إلى صاحبها.
وفي قوله تعالى: {مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً} [البقرة: 245]؛ حيث ألزم سبحانه وتعالى على نفسه أن يأجر كل من أقرض بالإنفاق في سبيله.
هذا، والأجر كما سبق في مواضع ستة من القرآن ليس بالمثل فقط ولكن بأضعاف ما قدمه المقرض.
وقد دلت نصوص من الحديث أيضاً على هذا الوجوب، مع وجوب المبادرة إلى القضاء بعد الموت.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «نفس المؤمن معلقة بديْنِهِ حتى يُقضى عنه».
وعن أبي بردة بن أبي موسى رضي الله عنهما عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن أعظم الذنوب عند الله يلقاه بها عبده بعد الكبائر التي نهى عنها، أن يموت رجل وعليه دين لا يدع له قضاء».
عن جابر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلي على رجل مات وعليه دين، فأُتي بميت فقال: «أعليه دين؟» قالوا: نعم ! ديناران، قال: «صلوا على صاحبكم»، فقال أبو قتادة: هما عليّ يا رسول الله ! فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم
فلما فتح الله على رسوله صلى الله عليه وسلم قال: «أنا أوْلى بكل مؤمن من نفسه؛ فمن ترك دينًا فعليّ قضاؤه، ومن ترك مالاً فلورثته».
عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فيهم فذكر لهم أن الجهاد في سبيل الله والإيمان بالله أفضل الأعمال، فقام رجل فقال: يا رسول الله ! أرأيت إن قُتلت في سبيل الله تُكفَّر عني خطاياي؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعم ! إن قُتِلْتَ في سبيل الله وأنت صابر محتسب، مقبل غير مدبر»، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كيف قلتَ؟» قال: أرأيت إن قُتِلْتَ في سبيل الله أتكفَّر عنّي خطاياي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعم ! وأنت صابر محتسب، مقبل غير مدبر، إلا الدَّيْن؛ فإن جبريل قال لي ذلك».
* ما يلزم رده:
لا يجوز عند الحنفية أن يرد المقترض إلا مثل ما اقترض من المثليّات، وهو المكيل والموزون والمعدود.
فلا يجوز عندهم رد القيميّات وهي الحيوانات وعروض التجارة؛ لأنه لا يجوز عندهم إقراض القيميّات أصلاً، وحديث أبي رافع رد عليهم، وهو: عن أبي رافع رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استسلف من رجل بكراً، فقدمت عليه إبل من الصدقة، فأمره أن يقضي الرجل بكره، فرجع إليه فقال: لم أجد فيها إلا خياراً رباعياً، فقال: «أعطه إياه، إن خيار الناس أحسنهم قضاء».
أما المالكية: فجاز عندهم أن يرد المقترض مثل ما اقترض أو عينه، ما دام على صفته.
وقال الحنابلة: إذا كان المال المقرض مقوماً يكون فيه وجهان:
أحدهما: يجب على المقترض رد قيمته يوم القبض؛ لأنه لا مثل له، فيضمن قيمته كحال الإتلاف والغصب.
والثاني: يجب عليه رد مثله كما تقدم في الحديث.
هذا كله إذا كان مثل المال المقرض الذي يقضي به ثابتاً على سعره يوم القضاء، لم يتغير بالغلاء أو الرخصة؛ فكيف إذا تغير سعره، أو كان نقوداً ترك التعامل بها؟
اختلف قول الحنفية في المال المقرَض الذي تغير سعره، فقال أبو حنيفة: يلزم المقترض رد مثله. ولا عبرة بغلائه أو رخصه.
وقال أبو يوسف: يلزمه رد قيمته يوم القبض، وعليه الفتوى.
وقال محمد: يلزمه رد القيمة في آخر يوم غلت فيه سعره.
وهو ما عليه الفتوى في الفلوس التي كسدت بعد الرواج.
أما الإمام مالك و الليث بن سعد و الشافعي فإنهم قالوا: إن المقترض لا يرد إلا مثل ما اقترض، غلا سعره أو رخص.
وكذلك قال أحمد: إذا كان المقرَض فلوساً تُرِك التعامل بها رد المقترض قيمتها يوم الأخذ، وأما رخص السعر أو غلاؤه فليس ذلك مما يمنع رد مثلها.
فخلاصة القول في ذلك أن المقترض يرد ما اقترض ولا عبرة بتغير السعر..
* حسن القضاء:
إلحاقاً بما تقدم نريد أن نبين هنا:
أن الزيادة من المقترض إذا لم تكن مشروطة فإنها تعتبر في الشرع من باب حسن القضاء.
وهو جائز عند الجمهور، بل هو مستحب؛ لحديث أبي رافع المتقدم، ولحديث أبي هريرة.
قال أبو هريرة: كان لرجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم حق فأغلظ له، فهمّ به أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن لصاحب الحق مقالاً» فقال لهم: «اشتروا له سنا فأعطوه إياه» ،فقالوا: إنَّا لا نجد إلا سنا هو خير من سناه ،فقال: «اشتروا له فأعطوه إياه؛
فإن من خيركم - أو إن خيركم - أحسنكم قضاء».
قال مالك - رحمه الله -: إن كانت الزيادة في العدد لم تجز، وإن كانت في الصفة جازت.
ويرد عليه حديث جابر، قال: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وكان لي عليه دين، فقضاني وزادني).
حيث صرح بأن النبي صلى الله عليه وسلم زاده.
وثبت في رواية البخاري أن الزيادة كانت قيراطاً.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://paix.ahlamontada.com
 
القرض الحسن في الاسلام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: منتدى المواضيع المدرسية-
انتقل الى: